يقول السائل : ما صحة الحديث الوارد في أن ( أفضل العبادة انتظار الفرج ) أفيدونا؟
الجواب : روى الإمام الترمذي في سننه بإسناده [ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ? ( سلوا الله من فضله فإن الله عز وجل يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج? قال أبو عيسى – أي الترمذي - هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث وقد خولف في روايته وحماد بن واقد هذا هو الصفار ليس بالحافظ وهو عندنا شيخ بصري.] سنن الترمذي.
وقال العلامة الألباني عن هذا الحديث : ضعيف جداً ،رواه الترمذي ( 4 / 279 ) و ابن أبي الدنيا في " القناعة و التعفف " ( ج 1 ورقة106 / 1 من مجموع الظاهرية 90 )
وورد بلفظ آخر( انتظار الفرج من الله عبادة، ومن رضي بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل ) وهذا اللفظ ضعيف جداً ما قال العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة 4 / 75.
إذا تقرر أن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم
فلا شك أن صبر المسلم على البلاء وانتظاره كشفه من الأمور المطلوبة شرعاً لأن [ ارتقاب ذهاب البلاء والحزن بترك الشكاية إلى غيره تعالى وكونه أفضل العبادة لأن الصبر في البلاء انقياد للقضاء وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ] كما قال العلامة العيني.
وخلاصة الأمر حديث ( أفضل العبادة انتظار الفرج ) غير ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم، ومع ذلك فإن انتظار الفرج من العبادة إذا كان وفق ما قرره أهل العلم.
*******************************************
وأما قول السائل: (لقد كنت أظن خاطئا أن انتظار الفرج عبادة) فقولك هذا هو الخطأ، وليس معنى كون هذا اللفظ لم تصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كلام باطل، بل لا شك أن انتظار الفرج عبادة عظيمة،
قال الشيخ ابن عثيمين في أحد أجوبته في فتاوى برنامج نور على الدرب:
الواجب على من أصيب بأمر يضيق به صدره ويزداد به غمه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل وينتظر الفرج، فهذه ثلاثة أمور: الصبر، واحتساب الأجر، وانتظار الفرج من الله عز وجل. وذلك أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة من غم أو غيره فإنه يكفر الله بها عنه سيئاته وخطيئاته، وما أكثر السيئات والخطيئات من بني آدم (فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون). وإذا صبر واحتسب الأجر من الله أثيب على ذلك أي حصل له أمران تكفيرالذنوب والثواب، وإذا انتظر الفرج من الله عز وجل أثيب على ذلك مرة ثالثة، لأن انتظار الفرج حسن ظنٍ بالله عز وجل، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى عمل صالح يثاب عليه الإنسان.
ا
ويقول الشيخ عائض القرني ::
[ أفضل العبادة انتظار الفرج لأن فيه ثقة بالباري ، وحسن ظن بالخالق ، وقوة رجاء بالحق
فانتظار الفرج
انتصار على اليأس ، { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } يوسف87
وقهر للقنوط ،قال { وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ } الحجر56 ،
وفيه تصديق للخبر {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } الشرح6
وتسليم للوعد {وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} رواه أحمد وقال ابن رجب : حسن جيد
واطمئنان لسنة الله :{ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } الطلاق7
وتطلع إلى لطفه ورحمته { رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ } الأعراف56
وركون إلى كفايته { َسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } البقرة137
واعتماد على رعايته وولايته { {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ } البقرة257 .
انتظار الفرج : ترقب نظرة الرحمة من الرحمن ، ونفحة اللطف من الديان ، وغوث الملهوف من المنان
انتظار الفرج : الصبر حتى يكشف الرب الكرب ، ليس لها من دون الله كاشفة . وحبس المضطر أنفاسه حتى يجيبه ربه {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } النمل62
انتظار الفرج: طلب المدد من الأحد، والصبر والجلد حتى يغيث الصمد
. حسبنأ الله ونعم الوكيــــل، وكفى بربك هاديا ونصيرا ... ]كتاب حدائق ذات بهجة.
ويؤيد ما تقدم ما ورد في الحديث الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم ( احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً ) رواه الإمام أحمد وغيره وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 5 / 496.